باب في اصول الكفر وأركانه

1 الحسين بن محمد، عن أحمد بن إسحاق، عن بكر بن محمد، عن أبي بصير قال: قال أبوعبدالله عليه السلام: اصول الكفر ثلاثة: الحرص، والاستكبار، والحسد، فأما الحرص فان آدم عليه السلام حين نهي عن الشجرة، حمله الحرص على أن أكل منها وأما الاستكبار فإبليس حيث امر بالسجود لآدم فابي، وأما الحسد فابنا آدم حيث قتل أحدهما صاحبه(1).
2 علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: قال النبي صلى الله عليه وآله: أركان الكفر أربعة: الرغبة والرهبة(2) والسخط والغضب.
3 عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن نوح بن شعيب، عن عبدالله الدهقان، عن عبدالله بن سنان، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: قال رسول الله: صلى الله عليه وآله إن أول ما عصي الله عزوجل به ست: حب الدنيا، وحب الرئاسة وحب الطعام، وحب النوم، وحب الراحة، وحب النساء(3).
4 محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن طلحة بن زيد، عن

___________________________________
(1) كأن المراد باصول الكفر ما يصير سببا للكفر أحيانا وللكفر ايضا معان كثيرة منها مايتحقق بانكار الرب سبحانه والالحاد في صفاته ومنها مايكون بمعصية الله ورسوله ومنها ما يكون بكفران نعم الله تعالى إلى أن ينتهى ترك الاولى فالحرص يمكن أن يصير داعيا إلى ترك الاولى او ارتكاب صغيرة أو كبيرة حتى ينتهى إلى جحود يوجب الشرك والخلود فما في آدم عليه السلام كان من الاول ثم تكامل في اولاده حتى انتهى إلى الاخير، فصح أنه أصل الكفر وكذا سائر الصفات (آت ملخصا).
(2) الرغبة: الحرص في متاع الدنيا. والرهبة: الخوف من زوال متاع الدنيا.
(3) أى الافراط في تكلم الصفات بحيث ينتهى إلى ارتكاب الحرام اوترك السنن والاشتغال عن ذكر الله، أو حب الحياة الدنيا المذمومة وحب الرئاسة بالجور والظلم وحب الطعام بحيث لا يبالى حصل من حلال أو حصل من حرام وحب النوم حيث يصير مانعا عن الطاعات الواجبة والمندوبة وكذا حب الراحة وحب النساء.
[*]

[290]


أبي عبدالله عليه السلام أن رجلا من خثعم(1) جاء إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال: أي الاعمال أبغض إلى الله عزوجل؟ فقال: الشرك بالله، قال ثم ماذا؟ قال: قطيعة الرحم قال: ثم ماذا؟ قال: الامر بالمنكر والنهي عن المعروف.
5 علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حسن بن عطية، عن يزيد الصائغ قال: قلت لابي عبدالله عليه السلام: رجل على هذا الامر(2) إن حدث كذب، وإن وعد أخلف، وإن ائتمن خان، ما منزلته؟ قال: هي أدنى المنازل من الكفر وليس بكافر.
6 علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من علامات الشقاء جمود العين وقسوة القلب وشدة الحرص في طلب الدنيا والاصرار على الذنب.
7 علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن علي بن أسباط، عن داود بن النعمان، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: خطب رسول الله صلى الله عليه وآله الناس فقال: ألا اخبر كم بشراركم؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: الذي يمنع رفده(3) يضرب عبده ويتزود وحده، فظنوا أن الله لم يخلق خلقا هوشر من هذا.
ثم قال: ألا اخبركم بمن هو شر من ذلك؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: الذي لايرجى خيره ولا يؤمن شره فظنوا أن الله لم يخلق خلقا هو شر من هذا، ثم قال: ألا اخبركم بمن هو شر من ذلك؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: المتفحش اللعان الذي إذا ذكر عنده المؤمنون لعنهم وإذا ذكروه لعنوه.
8 عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن بعض أصحابه، عن عبدالله بن سنان، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ثلاث من كن فيه كان منافقا

___________________________________
(1) خثعم. أبوقبيلة من معد (آت).
(2) أى مصدق بفرض إطاعتكم
(3) الرفد بالكسر: العطاء والصلة وقوله: " يضرب عبده " أى من غير ذنب اوزائدا على القدر المقرر او مطلقا. فان العفو من أحسن الخصال وقوله: " ويتزود وحده " أى يأكل زاده وحده من غير رفيق مع الامكان او أنه لا يعطى من زاده غيره شيئا من عياله وغيرهم.
[*]

[291]


وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم: من إذا ائتمن خان وإذا حدث كذب وإذا وعد أخلف، إن الله عز وجل قال: في كتابه: " إن الله لايحب الخائنين(1) " وقال: " أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين(2) " وفي قوله عزوجل: " واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسول نبيا(3) ".
9 علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن بعض أصحابه، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ألا اخبركم بأبعدكم مني شبها؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: الفاحش المتفحش البذئ(4) البخيل المختال الحقود الحسود القاسي القلب، البعيد من كل خير يرجى، غير المأمون من كل شريتقى.
10 الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن منصور بن العباس، عن علي ابن أسباط، رفعه إلى سلمان(5) قال: إذا اراد الله عزوجل هلاك عبد نزع منه الحياء(6)، فإذا نزع منه الحياء لم تلقه إلا خائنامخونا فإذا كان خائنامخونا نزعت منه الامانة، فإذا نزعت منه الامانة لم تلقه إلا فظا غليظا فإذا كان فظا غليظا نزعت منه ربقة الايمان(7)، فإذا نزعت منه ربقة الايمان(7) لم تلقه إلا شيطانا ملعونا.

___________________________________
(1) الانفال 58.
(2) النور: 7.
(3) مريم: 54.
(4) البذاء بالمد: الفحش في القول وفلان بذئ اللسان. والمختال: ذو الخيلاء والمتكبر.
(5) موقوف ولكن سلمان في درجة قريبة من العصمة (آت).
(6) أى سلب التوفيق منه حتى يخلع لباس الحياء وهو خلق يمنع من القبائح والتقصير في حقوق الخلق والخالق فاذا نزع منه الحياء المانع من ارتكاب القبائح لم تلقه إلا خائنا. والمخون يحتمل أن يكون بفتح الميم وضم الخاء، أى يخونه الناس فذمه باعتبار انه السبب فيه. أو المراد أنه يخون نفسه أيضا ويجعله مستحقا للعقاب فهو خائن لغيره ولنفسه وبهذا الاعتبار مخون، ففى كل خيانة خيانتان أو يكون بضم الميم وفتح الخاء وفتح الواو المشددة أى منسوبا إلى الخيانة مشهورا به أو بكسر الواو المشددة أى ينسب الناس إلى الخيانة مع كونه خائنا (آت).
(7) لسلب أكثر لوازمه وصفاته عنه وقوله: " لم تلقه الا شيطانا " أى شبيها به في الصفات.
أو بعيدا من الله ومن هدايته وتوفيقه.
[*]

[292]


11 علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن زياد الكرخي عن أبي عبدالله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ثلاث ملعونات ملعون من فعلهن: المتغوط في ظل النزال، والمانع الماء المنتاب، والساد الطريق المعربة(1).
12 محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن إبراهيم الكرخي، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ثلاث ملعون من فعلهن: المتغوط في ظل النزال، والمانع الماء المنتاب، والساد الطريق المسلوك.
13 عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد ; وعلي بن إبراهيم، عن أبيه، جميعا عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن أبي حمزة، عن جابر بن عبدالله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ألا اخبركم بشرار رجالكم؟ قلنا: بلى يا رسول الله، فقال: إن من شرار رجالكم البهات الجرئ الفحاش، الآكل وحده، والمانع رفده،

___________________________________
(1) المراد بظل النزال تحت سقف أو شجرة ينزلها المسافرون وقديعم بحيث يشمل المواضع المعدة لنزولهم وإن لم يكن فيه ظل لاشتراك العلة أو يحمله على الاعم والتعبير بالظل لكونه غالبا كذلك وقوله: " والمانع الماء المنتاب " الماء مفعول اول للمانع اما مجرور بالاضافة من باب الضارب الرجل أو منصوب على المفعولية والمنتاب اسم فاعل بمعنى صاحب النوبة فهو مفعول ثان وهو من الانتياب افتعال من النوبة ويحتمل أن يكون اسم مفعول صفة للماء من انتاب فلان القوم أى أتاهم مرة بعد اخرى والماء المنتاب هو الماء الذى يرد عليه الناس متناوبة و متبادلة لعدم اختصاصه بأحدهم كالماء المملوك المشترك بين جماعة، فلعن المانع لاحدهم في نوبته وقوله " والساد الطريق المعربة " بالعين المهملة على بناء المفعول اى الواضحة التى ظهر فيها أثر الاستطراق.
في النهاية: الاعراب: الابانة والافصاح وفى أكثر النسخ [المقربة] بالقاف فيمكن أن يكون بكسر الراء المشددة اى الطريق المقربة إلى المطلوب بأن يكون هناك طريق آخر أبعد منه فان لم يكن طريق آخر فبطريق اولى وهذه النسخة موافقة لروايات العامة لكنهم فسروه على وجه آخر.
قال في النهاية: فيه من غير المطربة والمقربة فعليه لعنة الله. المطربة واحدة المطارب وهى طرق صغار تنفذ إلى الطرق الكبار وقيل: هى الطرق الضيقة المتفرقة. يقال: طربت عن الطريق أى عدلت عنه. والمقربة: طريق صغير ينفذالى طريق كبير وجمعها المقارب
(2) البهات مبالغة من البهتان. والجرى: بالياء المشددة وبالهمزة أيضا على فعيل وهو المقدام على القبيح [*]

[293]


والضارب عبده والملجئ عياله إلى غيره.
14 علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ميسر، عن أبيه، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: خمسة لعنتهم وكل نبي مجاب(1): الزائد في كتاب الله والتارك لسنتي والمكذب بقدر الله والمستحل من عترتي ما حرم الله والمستأثر بالفئ [و] المستحل له(2).

_____________________________
(1) يعنى وكل نبى مستجاب الدعوة.
(2) المستأثر: المستقل بدون إذن الله. وفى القاموس استأثر بالشئ: استبد به و خص به نفسه.