باب فضل فقراء المسلمين

1 علي بن إبراهميم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن محمد بن سنان، عن العلاء عن ابن أبي يعفور، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: إن فقراء المسلمين(1) يتقلبون في رياض الجنة قبل أغنيائهم بأربعين خريفا(2) ثم قال: سأضرب لك مثل ذلك إنما مثل ذلك مثل سفينتين مربهما على عاشر(3) فنظر في إحداهما فلم يرفيها شيئا، فقال: أسربوها(4) ونظر في ا [لا] خرى فاذاهي موقورة(5) فقال: احبسوها.
2 عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن سعدان قال: قال أبوعبدالله عليه السلام: المصائب منح من الله(6) والفقر مخزون عند الله.
3 وعنه(7) رفعه، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا علي إن الله جعل الفقر أمانة عند خلقه، فمن ستره أعطاه الله مثل أجر الصائم القائم ومن أفشاه إلى من يقدر على قضاء حاجته فلم يفعل فقد قتله، أما إنه ما قتله بسيف و

___________________________________
(1) في بعض النسخ [فقراء المؤمنين].
(2) الخريف: الزمان المعروف من السنة مابين الصيف والشتاء ويريد به أربعين سنة لان الخريف لا يكون في السنة الامرة واحدة فاذا انقضى أربعون خريفا فقد مضت أربعون سنة كذا في النهاية وفى معانى الاخبار باسناده عن أبى جعفر عليه السلام قال: ان عبدا مكث في النار سبعين خريفا والخريف سبعون سنة إلى آخر الخبر وفسره صاحب المعالم بأكثر من ذلك.وفى مصباح المنبر الخريف: الفصل الذى تخترف فيه الثمار.اى تقطع فيها الثمار.
(3) العاشر: من يأخذ العشر.
(4) " أسربوها " يعنى خلوها تذهب، بمعنى التوجه للامر والذهاب إليه.
(5) أى مملوة وفى بعض النسخ [موقرة] فهى بمعناها والتشبيه في غاية الحسن.
(6) المنح بكسر الميم وفتح النون جمع منحة بالكسر وهى العطية.
(7) ضمير " عنه " راجع إلى أحمد.
[*]

[261]


لارمح ولكنه قتله بما نكى(1) من قلبه.
4 عنه، عن محمد بن علي، عن داود الحذاء، عن محمد بن صغير، عن جده شعيب، عن مفضل قال: قال أبوعبدالله عليه السلام: كلما ازداد العبد إيمانا ازداد ضيقا في معيشته.
5 وبإسناده قال: قال أبوعبدالله عليه السلام: لولا إلحاح المؤمنين على الله في طلب الرزق لنقلهم من الحال التي هم فيها إلى حال أضيق منها.
6 عنه، عن بعض أصحابه، رفعه، قال: قال أبوعبدالله عليه السلام ما اعطي عبد من الدنيا إلا اعتبارا وما زوي عنه إلا اختبارا.
7 عنه، عن نوح بن شعيب وأبي إسحاق الخفاف، عن رجل، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: ليس لمصاص شيعتنا(2) في دولة الباطل إلا القوت، شرقوا إن شئتم أو غربوا لن ترزقوا إلا القوت.
8 محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن الحسن الاشعري، عن بعض مشائخه، عن إدريس بن عبدالله، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: قال النبي صلى الله عليه وآله: يا علي الحاجة أمانة الله عند خلقه، فمن كتمها على نفسه أعطاه الله ثواب من صلى و من كشفها إلى من يقدر أن يفرج عنه ولم يفعل فقد قتله، أما إنه لم يقتله بسيف ولا سنان ولا سهم ولكن قتله بمانكى من قلبه.
9 وعنه، عن أحمد، عن علي بن الحكم، عن سعدان قال: قال أبوعبدالله عليه السلام: إن الله عزوجل يلتفت يوم القيامة إلى فقراء المؤمنين، شبيها بالمعتذر إليهم فيقول: وعزتي وجلالى ما أفقرتكم في الدنيا من هوان بكم علي ولترون ما أصنع بكم اليوم فمن زود أحدا منكم في دارالدنيا معروفا فخذوابيده فأدخلوه الجنة، قال: فيقول رجل منهم: يا رب إن أهل الدنيا تنافسوا في دنياهم فنكحوا النساء ولبسوا

___________________________________
(1) من النكاية.أى كسر قلبه.
(2) المصاص: خالص كل شئ.
[*]

[262]


الثياب اللينة وأكلوا الطعام وسكنوا الدور وركبوا المشهور من الدواب(1) فأعطني مثل ماأعطيتهم، فيقول تبارك وتعالى: لك ولكل عبد منكم مثل ما أعطيت أهل الدنيا منذ كانت الدنيا إلى أن انقضت الدنيا سبعون ضعفا.
10 عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن إبراهيم بن عقبة، عن إسماعيل ابن سهل وإسماعيل بن عباد، جميعا يرفعانه إلى أبي عبدالله عليه السلام قال: ما كان من ولد آدم مؤمن إلا فقيرا ولا كافر إلا غنيا حتى جاء إبراهيم عليه السلام فقال: " ربنا لاتجعلنا فتنة للذين كفروا(2) " فصير الله في هؤلاء أموالا وحاجة وفي هؤلاء أموالا وحاجة.
11 عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عمن ذكره، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: جاء رجل موسر إلى رسول الله صلى الله عليه وآله نقي الثوب، فجلس إلى رسول الله صلى الله عليه وآله(3) فجاء رجل معسر درن الثوب فجلس إلى جنب الموسر، فقبض الموسر ثيابه من تحت فخذيه، فقال له رسوله الله صلى الله عليه وآله: أخفت

___________________________________
(1) اى التى اشتهرت بالنفاسة.والمشهور: المعروف المكان والنبيه.
(2) وهذا من تتمة قول ابراهيم عليه السلام قال الله في سورة الممتحنة: " قدكانت لكم اسوة حسنة في ابراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برآء منكم ومماتعبدون من دون الله كفرنابكم وبدابيننا العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده إلا قول إبراهيم لابيه لاستغفرن لك وما أملك لك من الله من شئ ربنا عليك توكلنا واليك أنبنا واليك المصير، ربنا لاتجعلنا فتنة للذين كفروا واغفر لنا انك انت العزيز الحكيم " معناه: لاتعذبنا بأيديهم ولا ببلاء من عندك فيقولوا لوكان هؤلاء على الحق لما أصابهم هذا البلاء.
والمعنى المستفاد من الخبر قريب من هذا لان الفقر أيضا بلاء يصير سببا لافتتان الكفار إما بان ينفروا من الاسلام خوفا من الفقر أو قالوا: لوكان هؤلاء على الحق لما ابتلوا بعموم الفقر فيهم.
(3) قال الشيخ البهائى قدس سره " إلى " بمعنى مع كما قال بعض المفسرين في قوله تعالى " من انصارى إلى الله " أو بمعنى عند كما في قول لشاعر: " اشهى إلى من الرحيق السلسل " ويجوز ان يضمن جلس معنى توجه أو نحوه.
و " درن النوب " بفتح الدال وكسر الراء صفة مشبهة من الدرن بفتحهما وهو الوسخ (آت).
[*]

[263]


أن يمسك من فقره شئ؟ قال: لا، قال: فخفت أن يصيبه من غناك شئ؟ قال: لا، قال: فخفت أن يوسخ يابك؟ قال: لا، قال: فما حملك على ما صنعت؟ فقال: يا رسول الله إن لي قرينا يزين لي كل قبيح ويقبح لي كل حسن(1) وقد جعلت له نصف مالي، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: للمعسر أتقبل؟ قال: لا، فقال له الرجل: ولم؟ قال: أخاف أن يدخلني ما دخلك.
12 علي بن إبراهيم، عن علي بن محمد القاساني، عن القاسم بن محمد، عن سليمان بن داود المنقري، عن حفص بن غياث، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: في مناجات موسى عليه السلام: يا موسى إذا رأيت الفقر مقبلا فقل: مرحبا بشعار الصالحين ; وإذا رأيت الغنى مقبلا فقل: ذنب عجلت عقوبته(2).
13 علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: قال النبي صلى الله عليه وآله: طوبى للمساكين بالصبر وهم الذين يرون ملكوت السماوات والارض.
14 وبإسناده قال: قال النبي صلى الله عليه وآله: يا معشر المساكين طيبوا نفسا وأعطوا الله الرضا من قلوبكم يثبكم الله عزوجل على فقركم، فإن لم تفعلوا فلا ثواب لكم.
15 عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن عيسى الفراء، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام قال: إذا كان يوم القيامة أمر الله تبارك وتعالى مناديا ينادي بين يديه(3) أين الفقراء؟ فيقوم عنق من الناس كثير، فيقول: عبادي ! ليقولون: لبيك

___________________________________
(1) اى ان لى شيطانا يغوينى ويجعل القبيح حسنافى نظرى والحسن قبيحاوهذا الصادر منى من جملة اغوائه.
ويمكن أن يراد به النفس الامارة التى طغت وبغت بالمال (آت).
(2) الشعار بالكسر مايلى الجلد من الثياب لانه يلى شعره ويستعار للصفات المختصة.
و "مرحبا " أى لقيت رحما وسعة.وقيل: معناه رحب الله بك مرحبا.
والقول كناية عن غاية الرضا والتسليم وقوله: " ذنب عجلت " اى اذنبت ذنبا صار سببا لان أخرجنى الله من أوليائه.
(3) أى قدام عرشه.
[*]

[264]


ربنا، فيقول: إني لم افقر كم لهوان بكم علي ولكني إنما اخترتكم(1) لمثل هذا اليوم تصفحوا وجوه الناس فمن صنع إليكم معروفا لم يصنعه إلا في فكافوه عني بالجنة.
16 محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن إبراهيم الحذاء، عن محمد بن صغير، عن جده شعيب، عن مفضل قال: قال أبوعبدالله عليه السلام: لولا إلحاح هذه الشيعة على الله في طلب الرزق لنقلهم من الحال التي هم فيها إلى ما هو أضيق منها(2).
17 أبو علي الاشعري، عن محمد بن عبدالجبار، عن ابن فضال، عن محمد بن الحسين بن كثير الخزاز، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: قال لي: أما تدخل السوق؟ أماترى الفاكهة تباع؟ والشئ مما تشتهيه؟ فقلت: بلى، فقال: أما إن لك بكل ماتراه فلا تقدر على شرائه حسنة.
18 محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن علي بن عفان(3)، عن مفضل بن عمر، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: إن الله جل ثناؤه ليعتذر إلى عبده المؤمن المحوج في الدنيا كما يعتذر الاخ إلى أخيه، فيقول: وعزتي وجلالي ما أحوجتك في الدنيا من هوان كان بك علي، فارفع هذا السجف(4) فانظر إلى ما عوضتك من الدنيا، قال: فيرفع فيقول ماضرني ما منعتني مع ماعوضتني.
19 علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي مير، عن هشام بن الحكم، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: إذا كان يوم القيامة قام عنق من الناس حتى يأتوا باب الجنة فيضربوا باب الجنة، فيقال لهم: من أنتم؟ فيقولون نحن الفقراء، فيقال لهم: أقبل

___________________________________
(1) أى اصطفيتكم." لمثل هذا اليوم " أى لهذا اليوم، فكلمة مثل زائدة وقوله: " تصفحوا وجوه الناس " أى تأملوا وجوههم.
(2) قد مر ص 261 عن أحمد بن محمد بن خالد، عن محمد بن على، عن داود الحذاء عن محمد بن صغير بعينه.
(3) في بعض النسخ [على بن عثمان].وفى بعضها [عفوان].
(4) السجف بالمهملة والجيم: الستر.
[*]

[265]


الحساب؟ فيقولون: ما أعطيتمونا شيئا تحاسبونا عليه، فيقول الله عزوجل: صدقوا ادخلوا الجنة.
20 عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن مبارك غلام شعيب قال: سمعت أبا الحسن موسى عليه السلام يقول: إن الله عزوجل يقول: إني لم اغن الغني لكرامة به علي ولم افقر الفقير لهوان به علي وهو مما ابتليت به الاغنياء بالفقراء ولولا الفقراء لم يستوجب الاغنياء الجنة.
21 علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن إسحاق بن عيسى، عن إسحاق بن عمار والمفضل بن عمر قالا: قال أبوعبدالله عليه السلام مياسير شيعتنا امناؤنا على محاويجهم، فاحفظونا فيهم يحفظكم الله.
22 علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: الفقر أزين للمؤمن من العذار على خد الفرس(1).
23 عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن عبدالله بن غالب، عن أبيه، عن سعيدبن المسيب قال: سألت علي بن الحسين عليهما السلام، عن قول الله عز و جل: " ولو لا أن يكون الناس امة واحدة " قال: عنى بذلك امة محمد صلى الله عليه وآله أن يكونوا على دين واحد كفارا كلهم " لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفامن فضة(2) " ولو فعل الله ذلك بامة محمد صلى الله عليه وآله لحزن المؤمنون وغمهم ذلك ولم يناكحوهم ولم يوارثوهم.

___________________________________
(1) في النهاية: ومن حديث على عليه السلام: " للفقر أزين للمؤمن من عذار حسن على خد فرس " العذاران من الفرس كالعارضين من الانسان ثم سمى السير الذى يكون عليه من اللجام عذارا باسم موضعه.
(2) معنى الاية: لولا كراهة أن يجتمع الناس على الكفر لجعلنا للكفار سقوفا من فضة..إلخ.
ومعنى الحديث انها نزلت في هذه الامة، خاصة، يعنى لولا كراهة أن يجتمع هذه الامة يعنى عامتهم وجمهورهم على الكفر فيلحقوا بسائر الكفار ويكونوا جميعا امة واحدة ولا يبقى الا قليل ممن محض الايمان محضا فعبر بالناس عن الاكثرين لقلة المؤمن فكانهم ليسوا منهم (في).والاية في سورة الزخرف آية: 33.
[*]