باب معرفة الامام والرد اليه

1 - الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الحسن بن علي الوشاء قال: حدثنا محمد ابن الفضيل، عن أبي حمزة قال: قال لي أبوجعفر عليه السلام: إنما يعبد الله من يعرف الله، فأما من لا يعرف الله فإنما يعبده هكذا ضلالا(1) قلت: جعلت فداك فما معرفة الله؟ قال: تصديق الله عزوجل وتصديق رسوله صلى الله عليه وآله وموالاة علي عليه السلام والائتمام به وبأئمة الهدى عليهم السلام والبراء‌ة إلى الله عزوجل من عدوهم، وهكذا يعرف الله عزوجل.

2 - الحسين، عن معلى، عن الحسن بن علي، عن أحمد بن عائذ، عن أبيه، عن ابن اذينة قال: حدثنا غير واحد، عن أحدهما عليهما السلام أنه قال: لا يكون العبد مؤمنا حتى يعرف الله ورسوله والائمة كلهم وإمام زمانه، ويرد إليه ويسلم له، ثم قال: كيف يعرف الآخر وهو يجهل الاول؟ !.

3 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن هشام بن سالم، عن زرارة قال: قلت لابي جعفر عليه السلام: أخبرني عن معرفة الامام منكم واجبة على

___________________________________

(1) كانه أشار بقوله: هكذا إلى عبادة جماهير الناس و (ضلالا) تمييز له او بدل. (في) [*]

[181]

جميع الخلق؟ فقال: إن الله عزوجل بعث محمدا صلى الله عليه وآله إلى الناس أجمعين رسولا و حجة لله على جميع خلقه في أرضه، فمن آمن بالله وبمحمد رسول الله واتبعه وصدقه فإن معرفة الامام منا واجبة عليه، ومن لم يؤمن بالله وبرسوله ولم يتبعه ولم يصدقه ويعرف حقهما(1) فكيف يجب عليه معرفة الامام وهو لا يؤمن بالله ورسوله ويعرف حقهما(1)؟ ! قال: قلت: فما تقول فيمن يؤمن بالله ورسوله ويصدق رسوله في جميع ما أنزل الله، يجب على اولئك حق معرفتكم؟ قال: نعم أليس هؤلاء يعرفون فلانا وفلانا قلت: بلى، قال: أترى أن الله هو الذي أوقع في قلوبهم معرفة هؤلاء؟ والله ما أوقع ذلك في قلوبهم إلا الشيطان، لا والله ما ألهم المؤمنين حقنا إلا اله عزوجل.

4 - عنه، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن عمرو بن أبي المقدام، عن جابر قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: إنما يعرف الله عزوجل ويعبده من عرف الله وعرف إمامه منا أهل البيت ومن لا يعرف الله عزوجل و [لا] يعرف الامام منا أهل البيت فإنما يعرف ويعبد غير الله هكذا والله ضلالا.

5 - الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن محمد بن جمهور، عن فضالة بن أيوب عن معاوية بن وهب، عن ذريح قال: سألت أبا عبدالله عليه السلام عن الائمة بعد النبي صلى الله عليه وآله فقال: كان أمير المؤمنين عليه السلام إماما، ثم كان الحسن عليه السلام إماما ثم كان الحسين عليه السلام إماما، ثم كان علي بن الحسين إمام، ثم كان محمد بن علي إماما، من أنكر ذلك كان كمن أنكر معرفة الله تبارك وتعالى ومعرفة رسول الله صلى الله عليه وآله، ثم قال: قلت: ثم أنت(2) جعلت فداك؟ - فأعدتها عليه ثلاث مرات - فقال لي: إني إنما حدثتك لتكون من شهداء الله تبارك وتعالى في أرضه.

6 - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد عن أبيه، عمن ذكره، عن محمد بن عبدالرحمن بن أبي ليلى، عن أبيه، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: إنكم لا تكونون صالحين حتى

___________________________________

(1) (يعرف حقهما) في الموضعين على النفى عطفا على المنفى. (في)

(2) قوله: (ثم انت) تصديق او استفهام، والسكوت على الاول تقرير وعلى الثانى اما للتقية او لامر آخر وكانه (ع) اشار بآخر الحديث إلى قوله سبحانه: (الذين آمنوا بالله ورسله اولئك هم الصديقون والشهداء عند ربهم، لهم أجرهم ونورهم) (في) [*]

[182]

تعرفوا ولا تعرفوا حتى تصدقوا ولا تصدقوا حتى تسلموا أبوابا أربعة(1) لا يصلح أولها إلا بآخرها، ضل أصحاب الثلاثة وتاهوا تيها بعيدا(2) إن الله تبارك وتعالى لا يقبل إلا العمل الصالح ولا يقبل الله إلا الوفاء بالشروط والعهود، فمن وفى لله عزوجل بشرطه واستعمل ما وصف في عهده نال ما عنده واستكمل [ما] وعده، إن الله تبارك وتعالى أخبر العباد بطرق الهدى وشرع لهم فيها المنار(3) وأخبرهم كيف يسلكون، فقال: " وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى(4) " وقال: " إنما يتقبل الله من المتقين(5) " فمن اتقى الله فيما أمره لقي الله مؤمنا بما جاء به محمد صلى الله عليه وآله، هيهات هيهات فات قوم وماتوا قبل أن يهتدوا وظنوا أنهم آمنوا، وأشركوا من حيث لا يعلمون.

إنه من أتى البيوت من أبوابها اهتدى، ومن أخذ في غيرها سلك طريق الردى، وصل الله طاعة ولي أمره بطاعة رسوله، وطاعة رسوله بطاعته، فمن ترك طاعة ولاة الامر لم يطع الله ولا رسوله، وهو الاقرار بما انزل من عند الله عزوجل، خذوا زينتكم عند كل مسجد والتمسوا البيوت التي أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه، فانه أخبركم أنهم رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والابصار، إن الله قد استخلص الرسل لامره، ثم استخلصهم مصدقين بذلك في نذره، فقال: " وإن من امة إلا خلا فيها نذير(6) " تاه من جهل، واهتدى من أبصر وعقل، إن الله عزوجل يقول: " فإنها لا تعمى الابصار و لكن تعمى القلوب التي في الصدور(7) " وكيف يهتدي من لم يبصر؟ وكيف يبصر من لم يتدبر؟ اتبعوا رسول الله وأهل بيته وأقروا بما نزل من عند الله واتبعوا آثار الهدى، فانهم علامات الامامة والتقى واعلموا أنه لو أنكر رجل عيسى ابن مريم عليه السلام وأقر بمن سواه من الرسل لم يؤمن، اقتصوا(8) الطريق بالتماس المنار والتمسوا من وراء الحجب الآثار(9)

___________________________________

(1) اشار بالابواب الاربعة إلى التوبة عن الشرك والايمان بالوحدانية والعمل الصالح و الاهتداء إلى الحجج عليهم السلام كما يتبين مما ذكر بعده، واصحاب الثلاثة اشارة إلى من لم يهتد إلى الحجج (في).

(2) تاهوا تيها اى حاروا حيرة والشروط والعهود كناية عن الامور الاربعة المذكورة اذ هى شروط للمغفرة وعهود (في).

(3) المنار جمع منارة على ما قاله ابن الاثير وهو علم الطريق (في).

(4) طه 85.(5) المائدة 31.

(6) الفاطر: 22.

(7) الانبياء: 46.

(8) أى: اقتفوا.

(9) كانه اراد به ان لم يتيسر لكم الوصول إلى الامام فالتمسوا آثاره (في).

[*]

[183]

تستكملوا أمر دينكم وتؤمنوا بالله ربكم.

7 - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن الحسين بن صغير، عمن حدثه، عن ربعي بن عبدالله، عن أبي عبدالله عليه السلام أنه قال: أبى الله أن يجري الاشياء إلا بأسباب، فجعل لكل شئ سببا وجعل لكل سبب شرحا وجعل لكل شرح علما، وجعل لكل علم بابا ناطقا، عرفه من عرفه، وجهله من جهله، ذاك رسول الله صلى الله عليه وآله ونحن(1).

8 - محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن صفوان بن يحيى، عن العلاء بن رزين عن محمد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: كل من دان الله عزوجل بعبادة يجهد فيها نفسه ولا إمام له من الله فسعيه غير مقبول، وهو ضال متحير والله شانئ(2) لاعماله، ومثله كمثل شاة ضلت عن راعيها وقطيعها، فهجمت(3) ذاهبة وجائية يومها، فلما جنها(4) الليل بصرت بقطيع غنم مع راعيها، فحنت إليها واغترت بها، فباتت معها في مربضها فلما أن ساق الراعى قطيعه أنكرت راعيها وقطيعها، فهجمت متحيرة تطلب راعيها وقطيعها،

___________________________________

(1) أى جرت عادته سبحانه على وفق قانون الحكمة والمصلحة ان يوجد الاشياء بالاسباب كايجاد زيد من الاباء والمواد والعناصر وان كان قادرا على ايجاده من كتم العدم دفعة بدون الاسباب وكذا علوم اكثر العباد ومعارفهم جعلها منوطة بشرائط وعلل واسباب كالمعلم والامام و الرسول والملك واللوح والقلم وان كان يمكنه افاضتها بدونها وكذا ساير الامور التى تجرى في العالم ففيما هو عليه السلام بصدد بيانه من الحاجة إلى الامام الشئ: حصول النجاة والوصول إلى درجات السعادت الاخروية أو الاعم والسبب: المعرفة والطاعة، والشرح: الشريعة المقدسة، والعلم بالتحريك اى ما يعلم به الشرع او بالكسر اى سبب علم وهو القرآن والباب الناطق الذى به يوصل إلى علم القرآن: النبى صلى الله عليه وآله في زمانه والائمة صلوات الله عليهم بعده فظهر انه لا بد في حصول النجاة و الوصول إلى الجنة الصورية والمعنوية من معرفة النبى صلى الله عليه واله والامام عليه السلام، ويحتمل ان يكون العلم: الرسول صلى الله عليه وآله والباب: الامام فقوله: ذاك راجع اليهما معا والاول اظهر (آت).

(2) اى مبغض لاعماله بمعنى انها غير مقبولة عند الله وصاحبها غير مرضى عنده سبحانه (آت).

(3) اى دخلت في السعى والتعب بلا روية وعلم (ذاهبة جائية) متحيرة في جميع يومها (آت).

(4) اى حان حين خوفه واحاطت ظلمة الجهل به ولم يعرف من يحصل له الثقة به وطلب من يلحق به، لحق على غير بصيرة لجماعة يراهم مجتمعين على من لا يعرف حاله وحن اليهم واغتر بهم، ظنا منه انهم على ماهو عليه. قوله: مع راعيا اى الشاة وفى بعض النسخ [مع راعية] فالضمير راجع إلى الغنم (آت). [*]

[184]

فبصرت بغنم مع راعيها فحنت إليها واغترت بها(1) فصاح بها الراعي: الحقي براعيك، وقطيعك فأنت تائهة متحيرة عن راعيك وقطيعك، فهجمت ذعرة، متحيرة، تائهة، لا راعي لها يرشدها إلى مرعاها أو يردها، فبينا هي كذلك إذا اغتنم الذئب ضيعتها، فأكلها، وكذلك والله يا محمد من أصبح من هذه الامة لا إمام له من الله عزوجل ظاهر عادل، أصبح ضالا تائها، وإن مات على هذه الحالة مات ميتة كفر ونفاق، و اعلم يا محمد أن أئمة الجور وأتباعهم لمعزولون عن دين الله قد ضلوا وأضلوا فأعمالهم التي يعملونها كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف، لا يقدرون مما كسبوا على شئ، ذلك هو الضلال البعيد.

9 - الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن محمد بن جمهور، عن عبدالله بن عبدالرحمن، عن الهيثم بن واقد، عن مقرن قال، سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: جاء ابن الكواء إلى أمير المؤمنين عليه السلام فقال يا أمير المؤمنين " وعلى الاعراف رجال يعرفون كلا بسيماهم؟ فقال نحن على الاعراف، نعرف أنصارنا بسيماهم، ونحن الاعراف الذي لا يعرف الله عزوجلإلا بسبيل معرفتنا، ونحن الاعراف يعرفنا الله عزوجل يوم القيامة على الصراط، فلا يدخل الجنة إلا من عرفنا وعرفناه، ولا يدخل النار إلا من أنكرنا وأنكرناه.

إن الله تبارك وتعالى لو شاء لعرف العباد نفسه ولكن جعلنا أبوابه وصراطه وسبيله والوجه الذي يؤتى منه، فمن عدل عن ولايتنا أو فضل علينا غيرنا، فانهم عن الصراط لناكبون، فلا سواء من اعتصم الناس به(2) ولا سواء حيث ذهب الناس إلى عيون كدرة يفرغ بعضها في بعض، وذهب من ذهب إلينا إلى عيون صافية تجري بأمر ربها، لا نفاد لها ولا انقطاع.

10 - الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن علي بن محمد، عن بكر بن صالح، عن الريان بن شبيب، عن يونس، عن أبي أيوب الخزاز، عن أبي حمزة قال: قال أبوجعفر عليه السلام: يا أبا حمزة يخرج أحدكم فراسخ فيطلب لنفسه دليلا وأنت بطرق

___________________________________

(1) في القاموس الحنن الشوق وتوقان النفس، والذعرة الفزع والخوف (آت).

(2) يعنى ليس كل من اعتصم الناس به سواء في الهداية ولا سواء فيما يسقيهم بل بعضهم يهديهم إلى الحق والى طريق مستقيم ويسقيهم من عيون صافية وبعضهم يذهب بهم إلى الباطل والى طريق الضلال ويسقيهم من عيون كدرة كما يفسره فيما بعده، يفرغ اى يصب بعضها في بعض حتى يفرغ (في). [*]

[185]

السماء أجهل منك بطرق الارص، فاطلب لنفسك دليلا.

11 - علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن أيوب بن الحر، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله عليه السلام في قول الله عزوجل: " ومن يؤت الحكمة فقد اوتي خيرا كثيرا(1) " فقال: طاعة الله ومعرفة الامام.

12 - محمد بن يحيى، عن عبدالله بن محمد، عن علي بن الحكم، عن أبان، عن أبي بصير قال: قال لي أبو جعفر عليه السلام: هل عرفت إمامك؟ قال: قلت: إي والله، قبل أن أخرج من الكوفة، فقال: حسبك إذا.

13 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن منصور بن يونس، عن بريد قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول في قول الله تبارك وتعالى: " أو من كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس(2) " فقال: " ميت " لا يعرف شيئا و " نورا يمشي به في الناس ": إماما يؤتم به " كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها " قال: الذي لا يعرف الامام.

14 - الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن محمد بن اورمة ومحمد بن عبدالله، عن علي بن حسان، عن عبدالرحمن بن كثير، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: قال أبوجعفر عليه السلام: دخل أبوعبدالله الجدلي على أمير المؤمنين فقال عليه السلام: يا أبا عبدالله ألا اخبرك بقول الله عزوجل: " من جاء بالحسنة فله خير منها وهم من فزع يومئذ آمنون * ومن جاء بالسيئة فكبت وجوههم في النار هل تجزون إلا ما كنتم تعملون(3) "؟ قال: بلى يا أمير المؤمنين جعلت فداك، فقال: الحسنة معرفه الولاية وحبنا أهل البيت والسيئة إنكار الولاية وبغضنا أهل البيت، ثم قرأ عليه هذه الآية.

_____________________________

(1) البقرة: 273.

(2) الانعام: 3 12.

(3) النمل: 91، 92.