باب البداء

1 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحجال، عن أبي إسحاق ثعلبة، عن زرارة بن أعين، عن أحدهما عليهما السلام قال: ما عبدالله بشئ مثل البداء.

وفي رواية ابن أبي عمير،عن هشام بن سالم،عن أبيعبدالله عليه السلام ما عظم الله بمثل البداء(1).

2 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم وحفص بن البختري وغيرهما، عن أبى عبدالله عليه السلام قال في هذه الآية: " يمحو الله ما يشاء ويثبت "

___________________________________

(1) البداء من الاوصاف التى ربما تتصف بها افعالنا الاختيارية من حيث صدورها عنا بالعلم و الاختيار فانا لا نريد شيئا من افعالنا الاختيارية الا بمصلحة داعية إلى ذلك تعلق بها علمنا وربما تعلق العلم بمصلحة فقصدنا الفعل ثم تعلق العلم بمصلحة اخرى توجب خلاف المصلحة الاولى فحينئذ نريد خلاف ما كنا نريده قبل وهو الذى نقول بدا لنا ان نفعل كذا اى ظهر لنا بعد ما كان خفيا عنا كذا والبداء الظهور فالبداء ظهور ما كان خفيا من الفعل لظهور ما كان خفيا من العلم بالمصلحة ثم توسع في الاستعمال فاطلقنا البداء على ظهور كل فعل كان الظاهر خلافه، فيقال بدا له ان يفعل كذا اى ظهر من فعله ما كان الظاهر منه خلافه، ثم ان وجود كل موجود من الموجودات الخارجية له نسبة إلى مجموع علته التامة التى يستحيل معها عدم الشئ وعند ذلك يجب وجوده بالضرورة وله نسبة إلى مقتضيه الذى يحتاج الشئ في صدوره منه إلى شرط وعدم مانع فاذا وجدت الشرائط و عدمت الموانع تمت العلة التامة ووجب وجود الشئ وإذا لم يوجد الشرط او وجد مانع لم يؤثر المقتضى اثره وكان التأثير للمانع وحينئذ يصدق البداء فان هذا الحادث إذا نسب وجوده إلى مقتضيه الذى كان يظهر بوجوده خلاف هذا الحادث كان موجودا ظهر من علته خلاف ما كان يظهر منها، ومن المعلوم ان علمه تعالى بالموجودات والحوادث مطابق لما في نفس الامر من وجودها فله تعالى علم بالاشياء من جهة عللها التامة وهو العلم الذى لا بداء فيه اصلا وله علم بالاشياء من جهة مقتضياتها التى موقوفة التاثير على وجود الشرائط وفقد الموانع وهذا العلم يمكن ان يظهر خلاف ما كان ظاهرا منه بفقد شرط او وجود مانع وهو المراد بقوله تعالى: (يمحو الله ما يشاء ويثبت) الاية (الطباطبائى).

[*]

[147]

قال: فقال: وهل يمحى إلا ما كان ثابتا وهل يثبت إلا ما لم يكن؟.

3 - علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: ما بعث الله نبيا حتى ياخذ عليه ثلاث خصال: الاقرار له بالعبودية، وخلع الانداد، وأن الله يقدم ما يشاء، ويؤخر ما يشاء.

4 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن ابن بكير، عن زرارة عن حمران، عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن قول الله عزوجل: " قضى أجلا و أجل مسمى عنده " قال: هما أجلان: أجل محتوم وأجل موقوف.

5 - أحمد بن مهران، عن عبدالعظيم بن عبدالله الحسني، عن علي بن أسباط عن خلف بن حماد، عن ابن مسكان، عن مالك الجهني قال: سألت أبا عبدالله عليه السلام عن قول الله تعالى: " أو لم ير الانسان أنا خلقناه من قبل ولم يك شيئا " قال: فقال: لا مقدرا ولا مكونا، قال: وسألته عن قوله: " هل أتى على الانسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا " فقال: كان مقدرا غير مذكور.

6 - محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن حماد بن عيسى، عن ربعي بن عبدالله، عن الفضيل بن يسار قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: العلم علمان: فعلم عند الله مخزون لم يطلع عليه أحدا من خلقه وعلم وملائكته ورسله، فما علمه ملائكته ورسله فإنه سيكون، لا يكذب نفسه ولا ملائكته ولا رسله، وعلم عنده مخزون يقدم منه ما يشاء، ويؤخر منه ما يشاء، ويثبت ما يشاء.

7 - وبهذا الاسناد، عن حماد، عن ربعي، عن الفضيل قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: من الامور امور موقوفة عند الله يقدم منها ما يشاء ويؤخر منها ما يشاء.

8 - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن ابي عمير، عن جعفر ابن عثمان، عن سماعة، عن ابي بصير، ووهيب بن حفص، عن ابي بصير، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: إن لله علمين: علم مكنون مخزون، لا يعلمه إلا هو، من ذلك يكون البداء وعلم علمه ملائكته ورسله وأنبياء ه فنحن نعلمه.

[148]

9 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن الحسن بن محبوب، عن عبدالله بن سنان، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: ما بدا لله في شئ إلا كان في علمه قبل أن يبدو له.

10 - عنه، عن أحمد، عن الحسن بن علي بن فضال، عن داود بن فرقد، عن عمرو بن عثمان الجهني، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: إن الله لم يبد له من جهل.

11 - علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن منصور بن حازم قال: سألت أبا عبدالله عليه السلام هل يكون اليوم شئ لم يكن في علم الله بالامس؟ قال: لا، من قال هذا فأخزاه الله، قلت: أرأيت ما كان وما هو كائن إلى يوم القيامة أليس في علم الله؟ قال: بلى قبل أن يخلق الخلق.

12 - علي، عن محمد، عن يونس، عن مالك الجهني قال: سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: لو علم الناس ما في القول بالبداء من الاجر ما فتروا عن الكلام فيه.

13 - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن بعض أصحابنا، عن محمد بن عمرو الكوفي أخي يحيى، عن مرازم بن حكيم قال: سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: ما تنبأ نبي قط، حتى يقر لله بخمس خصال: بالبداء والمشيئة والسجود والعبودية والطاعة.

14 - وبهذا الاسناد، عن أحمد بن محمد، عن يونس، عن جهم ابن أبي جهمة، عمن حدثه، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: إن الله عزوجل أخبر محمدا صلى الله عليه وآله بما كان منذ كانت الدنيا، وبما يكون إلى انقضاء الدنيا، وأخبره بالمحتوم من ذلك واستثنى عليه فيما سواه.

15 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن الريان بن الصلت قال: سمعت الرضا عليه السلام يقول ما بعث الله نبيا قط إلا بتحريم الخمر وأن يقر لله بالبداء.

16 - الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد قال: سئل العالم عليه السلام كيف علم الله؟ قال: علم وشاء وأراد وقدر وقضى وأمضى، فأمضى ما قضى، وقضى ما قدر، وقدر ما أراد، فبعلمه كانت المشيئة، وبمشيئته كانت الارادة، وبإرادته كان التقدير، وبتقديره كان القضاء، وبقضائه كان الامضاء، والعلم متقدم على المشيئة، والمشيئة

[149]

ثانية، والارادة ثالثة، والتقدير واقع على القضاء بالامضاء.

فلله تبارك وتعالى البداء فيما علم متى شاء، وفيما أراد لتقدير الاشياء، فإذا وقع القضاء بالامضاء فلا بداء، فالعلم في المعلوم قبل كونه، والمشيئة في المنشأ قبل عينه، والاراده في المراد قبل قيامه، والتقدير لهذه المعلومات قبل تفصيلها وتوصيلها عيانا ووقتا، والقضاء بالامضاء هو المبرم من المفعولات، ذوات الاجسام المدركات بالحواس من ذوي لون وريح ووزن وكيل وما دب ودرج من إنس وجن وطير وسباع وغير ذلك مما يدرك بالحواس.

فلله تبارك وتعالى فيه البداء مما لا عين له، فإذا وقع العين المفهوم المدرك فلا بداء، والله يفعل ما يشاء، فبالعلم علم الاشياء قبل كونها، وبالمشيئة عرف صفاتها وحدودها وأنشأها قبل إظهارها، وبالارادة ميز أنفسها في ألوانها وصفاتها، وبالتقدير قدر أقواتها وعرف أولها وآخرها، وبالقضاء أبان للناس أماكنها ودلهم عليها، وبالامضاء شرح عللها وأبان أمرها وذلك تقدير العزيز العليم.