باب تأويل الصمد(4)

1 - علي بن محمد، ومحمد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن محمد بن الوليد ولقبه شباب الصيرفي، عن داود بن القاسم الجعفري قال: قلت لابي جعفر الثاني عليه السلام: جعلت فداك ما الصمد؟ قال: السيد المصمود إليه في القليل والكثير.

2 - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبدالله، عن محمد بن عيسى، عن يونس ابن عبدالرحمن، عن الحسن بن السرى، عن جابر بن يزيد الجعفي قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن شئ من التوحيد، فقال: إن الله تباركت أسماؤه التي يدعا بها وتعالى في علو كنهه واحد توحد بالتوحيد في توحده(5)، ثم أجراه على خلقه فهو واحد، صمد،

___________________________________

(4) الصمد فعل بمعنى مفعول من صمد اليه إذا قصده وهو السيد الذى يصمد اليه في الحوائج فهو عبارة عن وجوب الوجود والاستغناء المطلق واحتياج كل شئ في جميع اموره اليه وهو الذى يكون عنده ما يحتاج اليه كل شئ ويكون رفع حاجة الكل اليه ولم يفقد في ذاته شيئا مما يحتاج اليه الكل واليه يتوجه كل شئ بالعبادة والخضوع وهو المستحق لذلك، وروى الصدوق في التوحيد ومعانى الاخبار خبرا طويلا مشتملا على معانى كثيرة للصمد ونقل بعض المفسرين عن الصحابة والتابعين والائمة واللغويين قريبا من عشرين معنى ويمكن ادخال جميعها فيما ذكرنا لانه لاشتماله على الوجوب الذاتى يدل على جميع السلوب ولدلالته على كونه مبدأ للكل يدل على اتصافه بجميع الصفات الكماليه وبه يمكن الجمع بين الاخبار المختلفة الواردة في هذا المعنى.

(آت ملخصا)

(5) أى لم يكن في الازل أحد يوحده فهو كان يوحد نفسه فكان متفردا بالوجود متوحدا بتوحيد نفسه ثم بعد الخلق عرفهم نفسه وأمرهم ان يوحدوه، أو المراد ان توحده لا يشبه توحد غيره فهو متفرد بالتوحيد أو كان قبل الخلق كذلك واجرى سائر انواع التوحد على خلقه إذا الوحدة تساوق الوجود او تستلزمه لكن وحداتهم مشوبة بانواع الكثرة كما عرفت. (آت) [*]

[124]

قدوس، يعبده كل شئ ويصمد إليه كل شئ ووسع كل شئ علما.

فهذا هو المعنى الصحيح(1) في تأويل الصمد، لا ما ذهب إليه المشتبه: أن تأويل الصمد: المصمت الذي لا جوف له، لان ذلك لا يكون إلا من صفة الجسم والله جل ذكره متعال عن ذلك، هو أعظم واجل من أن تقع الاوهام على صفته أو تدرك كنه عظمته ولو كان تأويل الصمد في صفة الله عزوجل المصمت، لكان مخالفا لقوله عزوجل: " ليس كمثله شئ " لان ذلك من صفة الاجسام المصمتة التي لا أجواف لها، مثل الحجر والحديد وسائر الاشياء المصمتة التي لا أجواف لها، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.

فاما ما جاء في الاخبار ذلك فالعالم عليه السلام أعلم بما قال وهذا الذي قال عليه السلام أن الصمد هو السيد المصمود إليه هو معنى صحيح موافق لقول الله عزوجل: " ليس كمثله شئ " والمصمود إليه: المقصود، في اللغة قال أبوطالب في بعض ما كان يمدح به النبي صلى الله عليه وآله من شعره: وبالجمرة القصوى إذا صمدوا لها * يؤمون رضخا(2) رأسها بالجنادل يعني قصدوا نحوها يرمونها بالجنادل يعني الحصا الصغار التي تسمى بالجمار وقال بعض شعراء الجاهلية [شعرا]: ما كنت أحسب أن بيتا ظاهرا * لله في أكناف مكة يصمد يعني يقصد، وقال ابن الزبرقان: ولا رهيبة الا سيد صمد(3).

وقال شداد بن معاوية في حذيفة بن بدر: علوته بحسام ثم قلت له * خذها حذيف فأنت السيد الصمد ومثل هذا كثير والله عزوجل هو السيد الصمد الذي جميع الخلق من الجن والانس إليه يصمدون في الحوائج، وإليه يلجأون عند الشدائد، ومنه يرجون الرخاء ودوام النعماء، ليدفع عنهم الشدائد.

___________________________________

(1) قوله: (فهذا المعنى الصحيح) من كلام الكلينى - رحمه الله - وقوله: (فالعالم) يعنى المعصوم (ع). والجمرة بالتحريك والفتح واحدة جمرات المناسك والقصوى العقبة. (آت)

(2) في بعض النسخ [قذفا].

(3) اوله: (ما كان عمران ذا غش ولا حسد) والزبرقان كزبرجان لقب حصين بن بدر. و رهيبة اسم رجل و (علوته بحسام) الحسام السيف أى رفعته فوق رأسه. وحذيف منادى مرخم. [*]