جملة القول في صفات الذات وصفات الفعل(1)

إن كل شيئين وصفت الله بهما وكانا جميعا في الوجود فذلك صفة فعل، وتفسير هذه الجملة: أنك تثبت في الوجود مايريد وما لا يريد وما يرضاه وما يسخطه وما يحب وما يبغض فلو كانت الاراده من صفات الذات مثل العلم والقدرة كان ما لا يريد ناقضا لتلك الصفة ولو كان ما يحب من صفات الذات كان ما يبغض ناقضا لتلك الصفة ألا ترى انا لا نجد في الوجود ما لا يعلم وما لا يقدر عليه وكذلك صفات ذاته الازلي لسنا نصفه بقدرة وعجز [وعلم وجهل وسفه وحكمة وخطاء وعز] وذلة ويجوز أن يقال: يحب من أطاعه ويبغض من عصاه ويوالي من أطاعه ويعادي من عصاه وإنه يرضا ويسخط ويقال ي الدعاء: اللهم ارض عني ولا تسخط علي وتولني ولا تعادني ولا يجوز أن يقال: يقدر ان يعلم ولا يقدر ان لا يعلم ويقدر ان يملك ولا يقدر أن لا يملك ويقدر أن يكون عزيزا حكيما ولا يقدر أن لا يكون عزيزا حكيما ويقدر أن يكون جوادا ولا يقدر أن لا يكون جوادا ويقدر أن يكون غفورا ولا يقدر أن لا يكون غفورا ولا يجوز أيضا أن يقال: أراد أن يكون ربا وقديما وعزيزا وحكيما ومالكا وعالما وقادرا لان هذه من صفات الذات والارادة

___________________________________

(1) هذا التحقيق للمصنف وليس من تتمة الخبر وغرضه الفرق بين صفات الذات وصفات الفعل وأبان ذلك بوجوه الاول: أن كل صفة وجودية لها مقابل وجودي فهي من صفات الافعال لا من صفات الذات لان صفاته الذاتية كلها عين ذاته وذاته مما لا ضد له ثم بين ذلك في ضمن الامثلة وان اتصافه سبحانه بصفتين متقابلتين ذاتيتين محال والثاني: ما اشار اليه بقوله: ولا يجوز أن يقال: يقدر أن يعلم. والحاصل أن القدرة صفة ذاتية تتعلق بالممكنات لا غير فلا تتعلق بالواجب ولا بالممتنع فكل ماهو صفة الذات هو أزلي غير مقدور وكل ماهو صفة الفعل فهو ممكن مقدور وبهذا يعرف الفرق بين الصفتين وقوله: " ولا يقدر أن لا يعلم " الظاهر أن " لا " لتأكيد النفي السابق أي لا يجوز أن يقال: يقدر أن لا يعلم ويمكن أن يكون من مقول القول الذي لا يجوز وتوجيهه أن القدرة لا ينسب إلا إلى الفعل نفيا أو إثباتا فيقال يقدر أن يفعل أو يقدر أن لا يفعل ولا ينسب إلى ما لا يعتبر الفعل فيه لا إثباتا ولا نفيا مما تكون من صفة الذات التي لا شائبة للفعل فيها كالعلم والقدرة وغيرهما لا يجوز أن ينسب اليها القدرة انما يصح استعمالها مع الفعل والترك فلا يقال، يقدر أن يعلم ولا يقال ولا يقدر أن لا يعلم لان العلم لا شائبة فيه من الفعل الثالث: ما أشار إليه بقوله: ولا يجوز أن يقال أراد أن يكون ربا. والحاصل أن الارادة لما كانت فرع القدرة فما لا يكون مقدورا لا يكون مرادا وقد علمت أن الصفات الذاتية غير مقدورة فهي غير مرادة أيضا ولكونها غير مرادة وجه آخر وهو قوله: " لان هذه من صفات الذات الخ " ومعناه أن الارادة لكونها من صفات الفعل فهي حادثة وهذه الصفات يعنى الربوبية والقدرة وأمثالهما لكونهما من صفات الذات فهي قديمة ولا يؤثر الحادث في القديم فلا تعلق للارادة لشئ منها. (آت) [*]

[112]

من صفات الفعل، ألا ترى أنه يقال: أراد هذا ولم يرد هذا وصفات الذات تنفى عنه بكل صفة منها ضدها، يقال: حي وعالم وسميع وبصير وعزيز وحكيم، غني، ملك، حليم عدل، كريم فالعلم ضده الجهل والقدرة ضدها العجز والحياة ضدها الموت والعزة ضدها الذلة والحكمة ضدها الخطاء وضد الحلم العجلة والجهل وضد العدل الجور والظلم.