باب اطلاق القول بأنه شئ

1 - محمد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن عبدالرحمن ابن أبي نجران قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن التوحيد(2) فقلت: أتوهم شيئا؟ فقال: نعم، غير معقول ولا محدود، فما وقع وهمك عليه من شئ فهو خلافه، لا يشبهه شئ ولا تدركه الاوهام، كيف تدركه الاوهام وهو خلاف ما يعقل، وخلاف ما يتصور في الاوهام؟ ! إنما يتوهم شئ غير معقول ولا محدود.

2 - محمد بن أبي عبدالله، عن محمد بن إسماعيل(3)، عن الحسين بن الحسن، عن بكر بن صالح، عن الحسين بن سعيد(4) قال: سئل أبوجعفر الثاني عليه السلام: يجوز أن يقال لله: إنه شئ؟ قال: نعم، يخرجه من الحدين: حد التعطيل وحد التشبيه(5).

3 - علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن أبي المغرا(6) رفعه، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال: إن الله خلو من خلقه، وخلقه خلو منه، وكلما وقع عليه اسم شئ فهو مخلوق ما خلا الله.

4 - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد البرقي، عن أبيه، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن ابن مسكان، عن زرارة بن أعين قال: سمعت أبا عبدالله

___________________________________

(2) أي معرفته متوحدا بحقيقته وصفاته، وقوله " أتوهم شيئا " أي أدركه وأتصوره شيئا وأصفه بالشيئية؟ وقوله: " نعم غير معقول " أي نعم توهمه وتصوره شيئا غير معقول أي: غير مدرك بالعقل بكنهه إدراكا كليا (رف).

(3) محمد بن اسماعيل هذا هو صاحب الصومعة، عينه الصدوق (ره) في التوحيد.

(4) في بعض النسخ [الحسن بن سعيد].

(5) حد التعطيل هو عدم اثبات الوجود أو الصفات الكمالية والفعلية والاضافية له، وحد التشبيه الحكم بالاشتراك مع الممكنات في حقيقة الصفات وعوارض الممكنات. (آت).

(6) بفتح الميم وسكون الغين المعجمة والراء، مقصورا وهو حميد بن المثنى الكوفي العجلى الصيرفي.

[*]

[83]

عليه السلام يقول: إن الله خلو من خلقه(1) وخلقه خلو منه، وكل ما وقع عليه شئ ما خلا الله فهو مخلوق والله خالق كل شئ، تبارك الذي ليس كمثله شئ وهو السميع البصير.

5 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير.

عن علي بن عطية، عن خيثمة(2) عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن الله خلو من خلقه، وخلقه خلو منه، وكل ما وقع عليه اسم شئ ما خلا الله تعالى فهو مخلوق والله خالق كل شئ. (*)

6 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن العباس بن عمرو الفقيمي، عن هشام بن الحكم عن أبي عبدالله عليه السلام أنه قال للزنديق حين سأله: ماهو؟ قال: هو شئ بخلاف الاشياء ارجع بقولي إلى إثبات معنى وأنه شئ بحقيقة الشيئية غير أنه لا جسم ولا صورة ولا يحس ولا يجس ولا يدرك بالحواس الخمس لا تدركه الاوهام ولا تنقصه الدهور ولا تغيره الازمان، فقال له السائل: فتقول: إنه سميع بصير؟ قال: هو سميع بصير: سميع بغير جارحة وبصير بغير آلة، بل يسمع بنفسه ويبصر بنفسه، ليس قولي: إنه سميع يسمع بنفسه وبصير يبصر بنفسه أنه شئ والنفس شئ آخر ولكن أردت عبارة عن نفسي(4) إذ كنت مسؤولا وإفهاما لك إذ كنت سائلا، فأقول: إنه سميع بكله لا أن الكل منه له بعض ولكني أردت إفهامك والتعبير عن نفسي وليس مرجعي في ذلك الا إلى أنه السميع

___________________________________

(1) الخلو بالكسر الخالي، والسر في خلو كل منهما عن الاخر أن الله سبحانه وجود بحت خالص لا مهية له سوى الانية والخلق مهيات صرفة لا إنية لها من حيث هي وانما وجدت به سبحانه و بانيته فافترقا (في)

(2) بتقديم المثناة.

(*) روى الصدوق (ره) هذا الحديث في كتاب التوحيد باسناده عن الكليني لكن مع زوائد و اختلاف في غير موضع منه ولعل في نسخ الكافي سقطا وتصحيفا من قبل النساخ ولذلك أشرنا الي موارد الاختلاف في ذيل الصفحة ولاجل شموله على بعض ما يحتاج إلى التوضيح أوردناه مع شرحه في آخر هذا المجلد والمطالب ان يراجع هناك.

(3) قوله " فتقول: انه سميع " ايراد على قوله عليه السلام: لا جسم: يعني ان له سمعا وبصرا فكيف لا يكون جسما؟ أو قلت: انه لابد من العلم به بمحض الشيئية وقلت: لا تدركه الاوهام فهل تثبت له من الصفات شيئا أم لا؟ فاجاب عليه السلام بانا نثبت الصفات على وجه لا يشابه بها المخلوقات ولا يوجب له الاشتراك مع غيره لا في الذات ولا في حقيقة الصفات لان غيره سميع بجارحة بصير بآلة وهو تعالى يسمع ويبصر أي يعلم المسموعات والمبصرات لا بجارحة ولا بآلة ولا بصفة زائدة على ذاته ليلزم علينا أن يكون له مجانس أو مشابه بل هو سميع بنفسه بصير بنفسه. (آت).

(4) أي: عبارة عما في نفسي بما يناسب ذاتي اذ كنت مسؤولا وافهامك الامر بما يناسب ذاتك اذ كنت سائلا. (في)

[*]

[84]

البصير العالم الخبير بلا اختلاف الذات ولا اختلاف المعنى.

قال له السائل: فما هو؟ قال أبوعبدالله عليه السلام: هو الرب وهو المعبود وهو الله وليس قولي: الله إثبات هذه الحروف: ألف ولام وهاء، ولا راء، ولا باء ولكن ارجع إلى(1) معنى وشئ خالق الاشياء وصانعها ونعت هذه الحروف وهو المعنى سمي به الله والرحمن والرحيم والعزيز وأشباه ذلك من أسمائه وهو المعبود عزوجل.

قال له السائل: فإنا لم نجد موهوما إلا مخلوقا، قال أبوعبدالله عليه السلام: لو كان ذلك كما تقول لكان التوحيد عنا مرتفعا لانا لم نكلف غير موهوم(2) ولكنا نقول: كل موهوم بالحواس مدرك به تحده الحواس وتمثله فهو مخلوق، إذ كان النفي(3) هو الابطال والعدم، والجهة الثانية: التشبيه إذ كان التشبيه هو صفة المخلوق الظاهر التركيب والتأليف فلم يكن بد من إثبات الصانع لوجود المصنوعين والاضطرار إليهم(4) أنهم مصنوعون وأن صانعهم غيرهم وليس مثلهم إذ كان مثلهم شبيها بهم في ظاهر التركيب والتأليف وفيما يجري عليهم من حدوثهم بعد إذ لم يكونوا وتنقلهم من صغر إلى كبر وسواد إلى بياض وقوة إلى ضعف وأحوال موجودة لا حاجة بنا إلى تفسيرها لبيانها(5) ووجودها.

قال له السائل: فقد حددته إذ أثبت وجوده، قال أبوعبدالله عليه السلام: لم أحده ولكني أثبته إذا لم يكن بين النفي والاثبات منزلة.

قال له السائل: فله إنية ومائية؟ قال: نعم لا يثبت الشئ إلا بإنية ومائية.

قال له السائل: فله كيفية؟ قال: لا لان الكيفية جهة الصفة والاحاطة ولكن لابد

___________________________________

(1) في التوحيد كذا: " لكني ارجع إلى معنى هو شئ خالق الاشياء وصانعها وقعت عليه هذه الحروف وهو معنى الذي يسمى به الله "

(2) في التوحيد كذا: " لانا لم نكلف أن نعتقد غير موهوم ولكنا نقول كل موهوم بالحواس مدرك مما تحده الحواس.. " وفي بعض النسخ التوحيد " مدرك بها تحده الحواس. "

(3) لعل في العبارة سقطا وفي التوحيد كذا " فهو مخلوق ولا بد لنا من اثبات صانع الاشياء خارج من الجهتين المذمومتين احداهما النفي اذ كان النفي هو الابطال ".

(4) في التوحيد كذا " والاضطرار منهم اليه ".

(5) في التوحيد كذا " لا حاجة بنا إلى تفسيرها لثباتها ووجودها ".

[*]

[85]

من الخروج من جهة التعطيل والتشبيه لان من نفاه فقد أنكره ودفع ربوبيته وأبطله ومن شبهه بغيره فقد أثبته بصفة المخلوقين المصنوعين الذين لا يستحقون الربوبية ولكن لابد من إثبات أن له كيفية(1) لا يستحقها غيره ولا يشارك فيها ولا يحاط بها ولا يعلمها غيره.

قال السائل: فيعاني الاشياء بنفسه؟ قال أبوعبدالله عليه السلام: هو أجل من أن يعاني الاشياء بمباشرة ومعالجة لان ذلك صفة المخلوق الذي لا تجيئ الاشياء له إلا بالمباشرة والمعالجة، وهو متعال نافذ الارادة والمشيئة، فعال لما يشاء.

7 - عدة من أصحابنا، عن احمد بن محمد بن خالد، عن محمد بن عيسى، عمن ذكره قال: سئل أبوجعفر عليه السلام: أيجوز أن يقال: إن الله شئ؟ قال: نعم يخرجه من الحدين: حد التعطيل وحد التشبيه.

_____________________________

(1) في التوحيد كذا: " اثبات ذات بلا كيفية ".