باب مولد ابي جعفر محمد بن علي عليه السلام

ولد أبوجعفر عليه السلام سنة سبع وخمسين وقبض عليه السلام سنة أربع عشرة ومائة وله سبع وخمسون سنة.

ودفن بالبقيع بالمدينة في القبر الذي دفن فيه أبوه علي بن الحسين عليهما السلام وكانت امه ام عبدالله بنت الحسن بن علي بن أبي طالب عليهم السلام وعلى ذريتم الهادية.

1 - محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن عبدالله بن أحمد، عن صالح بن مزيد، عن عبدالله بن المغيرة، عن أبي الصباح، عن أبي جعفر عليه السلام قال كانت امي قاعدة عند جدار فتصدع الجدار وسمعنا هدة شديدة، فقالت بيدها: لا وحق المصطفى ما أذن الله لك في السقوط، فبقي معلقا في الجو حتى جازته فتصدق أبي عنها بمائة دينار، قال أبوالصباح: وذكر أبوعبدالله عليه السلام جدته ام أبيه يوما فقال: كانت صديقة، لم تدرك في آل الحسن امرأة مثلها.

محمد بن الحسن، عن عبدالله بن أحمد مثله.

2 - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن أبان بن تغلب عن أبي عبدالله عليه السلام قال: إن جابر بن عبدالله الانصاري كان آخر من بقي من أصحاب رسول الله(1) وكان رجلا منقطعا إلينا أهل البيت وكان يقعد في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وهو معتجر(2) بعمامة سوداء وكان ينادي يا باقر العلم، يا باقر العلم، فكان أهل المدينة يقولون: جابر يهجر، فكان يقول: لا والله ما أهجر ولكني سمعت رسول الله صلى اله عليه وآله يقول: إنك ستدرك رجلا مني اسمه اسمي وشمائله شمائلي، يبقر العلم بقرا، فذاك الذي دعاني إلى ما أقول، قال: فبينا جابر يتردد ذات يوم في بعض طرق المدينة إذ مر بطريق في ذاك الطريق كتاب فيه محمد بن علي فلما نظر إليه قال: يا غلام أقبل فأقبل ثم قال له: أدبر فأدبر ثم قال: شمائل رسول الله صلى الله عليه وآله والذي نفسي بيده، يا غلام ما اسمك؟ قال: اسمي محمد بن علي بن الحسين، فأقبل عليه يقبل رأسه

___________________________________

(1) مات جابر بالمدينة سنة اربع وسبعين وقيل: ثمان وسبعين (آت)

(2) في بعض النسخ [معتم].

[*]

[470]

ويقول: بأبي أنت وامي أبوك رسول الله صلى الله عليه وآله يقرئك السلام ويقول ذلك، قال: فرجع محمد بن علي بن الحسين إلى أبيه وهو ذعر فأخبره الخبر، فقال له: يا بني وقد فعلها جابر، قال نعم قال: الزم بيتك يا بني فكان جابر يأتيه طرفي النهار و كان أهل المدينة يقولون: واعجباه لجابر يأتي هذا الغلام طرفي النهار وهو آخر من بقي من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله فلم يلبث أن مضى علي بن الحسين عليهما السلام فكان محمد بن علي يأتيه على وجه الكرامة لصحبته لرسول الله صلى الله عليه وآله(1) قال: فجلس عليه السلام يحدثهم عن الله تبارك وتعالى، فقال أهل المدينة: ما رأينا أحدا أجرأ من هذا، فلما رأى ما يقولون حدثهم عن رسول الله صلى الله عليه وآله فقال أهل المدينة: ما رأينا أحدا قط أكذب من هذا يحدثنا عمن لم يره، فلما رأى ما يقولون حدثهم عن جابر بن عبدالله، قال فصدقوه وكان جابر بن عبدالله يأتيه فيتعلم منه.

3 - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن مثنى الحناط عن أبي بصير قال: دخلت على أبي جعفر عليه السلام فقلت له: أنتم ورثة رسول الله صلى الله عليه وآله؟ قال: نعم، قلت: رسول الله صلى الله عليه وآله وارث الانبياء، علم كما علموا؟ قال لي: نعم، قلت: فأنتم تقدرون على أن تحيوا الموتى وتبرؤا الاكمه والابرص؟ قال: نعم بإذن الله، ثم قال لي: ادن مني يا أبا محمد فدنوت منه فمسح على وجهي وعلى عيني فابصرت الشمس والسماء والارض والبيوت وكل شئ في البلد(2) ثم قال لي: أتحب أن تكون هكذا ولك ما للناس وعليك ما عليهم يوم القيامة أو تعود كما كنت ولك الجنة خالصا؟ قالت: أعود كما كنت، فمسح على عيني فعدت كما كنت، قال: فحدثت ابن أبي عمير بهذا، فقال أشهد أن هذا حق كما أن النهار حق.

4 - محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن علي، عن عاصم بن حميد، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام قال: كنت عنده يوما إذ وقع

___________________________________

(1) هذا ينافى ما مر من تاريخى وفاتهما إذ وفاة على بن الحسين عليه السلام كانت في عام خمس أو اربع وتسعين ووفاة جابر على كل الاقوال كانت قبل الثمانين ؛(آت).

(2) في بعض النسخ [في الدار].

[*]

[471]

زوج ورشان على الحائط وهدلا هديلهما(1) فرد أبوجعفر عليه السلام عليهما كلامهما ساعة، ثم نهضا، فلما طارا على الحائط هدل الذكر على الانثى ساعة، ثم نهضا فقلت: جعلت فداك ما هذا الطير؟ قال: يا ابن مسلم كل شئ خلقه الله من طير أو بهيمة أو شئ فيه روح فهو أسمع لنا وأطوع من ابن آدم إن هذا الورشان ظن بامرأته فحلفت له ما فعلت فقالت: ترضى بمحمد بن علي، فرضيا بي فأخبرته أنه لها ظالم فصدقها.

5 - الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن علي بن أسباط، عن صالح بن حمزة عن أبيه، عن أبي بكر الحضرمي قال: لما حمل أبوجعفر عليه السلام إلى الشام إلى هشام ابن عبدالملك وصار ببابه قال لاصحابه ومن كان بحضرته من بني امية: إذا رأيتموني قد وبخت محمد بن علي ثم رأيتموني قد سكت فليقبل عليه كل رجل منكم فليوبخه ثم أمر أن يؤذن له، فلما دخل عليه أبوجعفر عليه السلام قال بيده: السلام عليكم فعمهم جميعا بالسلام ثم جلس فازداد هشام عليه حنقا بتركه السلام عليه بالخلافة وجلوسه بغير إذن، فأقبل يوبخه ويقول فيما يقول له: يا محمد بن علي لا يزال الرجل منكم قد شق عصا المسلمين ودعا إلى نفسه وزعم أنه الامام سفها وقلة علم، ووبخه بما أراد أن يوبخه فلما سكت أقبل عليه القوم رجل بعد رجل يوبخه حتى انقضى آخرهم، فلما سكت القوم نهض عليه السلام قائما ثم قال: أيها الناس أين تذهبون وأين يراد بكم، بنا هدى الله أولكم وبنا يختم آخركم، فإن يكن لكم ملك معجل فإن لنا ملكا مؤجلا وليس بعد ملكنا ملك لانا أهل العاقبة يقول الله عزوجل: " والعاقبة للمتقين(2) " فأمر به إلى الحبس فلما صار إلى الحبس تكلم فلم يبق في الحبس رجل الا ترشفه(3) وحن إليه، فجاء صاحب الحبس إلى هشام فقال: يا أمير المؤمنين إني خائف عليك من أهل الشام أن يحولوا بينك وبين مجلسك هذا، ثم أخبره بخبره، فأمر به فحمل على البريد هو وأصحابه ليردوا إلى المدينة وأمر أن لا يخرج لهم الاسواق وحال بينهم وبين الطعام والشراب فساروا ثلاثا لا يجدون طعاما ولا شرابا حتى انتهوا إلى مدين، فاغلق باب المدينة دونهم فشكا أصحابه

___________________________________

(1) الهديل صوت الحمام او خاص بوحشيها ؛(آت).

(2) في سورة الاعراف - 125 و استعينوا بالله واصبروا ان الارض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين. أو في سورة القصص: 83.

(3) ترشفه اى مصه وهو كناية عن المبالغة في اخذ العلم عنه.

[*]

[472]

الجوع والعطش قال: فصعد جبلا ليشرف عليهم فقال بأعلى صوته: يا أهل المدينة الظالم أهلها أنا بقية الله، يقول الله: " بقية الله خير لكم إن كنتم مؤمنين وما أنا عليكم بحفيظ(1) " قال: وكان فيهم شيخ كبير فأتاهم فقال لهم: يا قوم هذه والله دعوة شعيب النبي والله لئن لم تخرجوا إلى هذا الرجل بالاسواق لتؤخذن من فوقكم ومن تحت أرجلكم فصدقوني في هذه المرة وأطيعوني وكذبوني فيما تستأنفون فإني لكم ناصح، قال: فبادروا فأخرجوا إلى محمد بن علي وأصحابه بالاسواق، فبلغ هشام بن عبدالملك خبر الشيخ فبعث إليه فحمله فلم يدر ما صنع به.

6 - سعد بن عبدالله والحميري جميعا، عن إبراهيم بن مهزيار، عن أخيه علي ابن مهزيار، عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن سنان، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: قبض محمد بن علي الباقر وهو ابن سبع وخمسين سنة، في عام أربع عشرة ومائة، عاش بعد علي بن الحسين عليهما السلام تسع عشرة سنة وشهرين.

__________________________________

(1) هود: 87.