باب ما عند الائمة من سلاح رسول الله صلى الله عليه وآله ومتاعه

1 - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن معاوية ابن وهب، عن سعيد السمان قال: كنت عند أبي عبدالله عليه السلام إذ دخل عليه رجلان من الزيدية فقالا له: أفيكم إمام مفترض الطاعة؟ قال: فقال: لا(3) قال: فقالا له: قد أخبرنا عنك الثقات أنك تفتي وتقر وتقول به(4) ونسميهم لك، فلان وفلان، وهم أصحاب ورع وتشمير(5) وهم ممن لا يكذب(6) فغضب أبو عبدالله عليه السلام فقال:

___________________________________

(3) (فقال: لا) قال عليه السلام ذلك تقية ولعله اراد تورية: ليس فينا امام لابد له من الخروج بالسيف بزعمكم (آت).

(4) (تفتى وتقر وتقول به) اى بأن فيكم اماما مفترض الطاعة ؛(في).

(5) التشمير رفع الثوب والتهيؤ للامر ويكنى به عن التقوى والطهارة ؛(في).

(6) على بناء المجرد المعلوم او بناء التفعيل المجهول ؛(آت).

[*]

[233]

ما أمرتهم بهذا فلما رأيا الغضب في وجهه خرجا.

فقال لي: أتعرف هذين؟ قلت: نعم هما من أهل سوقنا وهما من الزيدية وهما يزعمان أن سيف رسول الله صلى الله عليه السلام عند عبدالله بن الحسن، فقال: كذبا لعنهما الله والله ما رآه(1) عبدالله بن الحسن بعينيه ولا بواحدة من عينيه ولا رآه أبوه، اللهم إلا أن يكون رآه عند علي بن الحسين، فإن كانا صادقين فما علامة في مقبضة؟ وما أثر في موضع مضربه.

وإن عندي لسيف رسول الله صلى الله عليه وآله وإن عندي لراية رسول الله صلى الله عليه وآله ودرعه ولامته ومغفره(2)، فإن كانا صادقين فما علامة في درع رسول الله صلى الله عليه وآله؟ وإن عندي لراية رسول الله صلى الله عليه وآله المغلبة(3)، وإن عندي ألواح موسى وعصاه، وإن عندي لخاتم سليمان بن داود، وإن عندي الطست الذي كان موسى يقرب به القربان، وإن عندي الاسم الذي كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا وضعه بين المسلمين والمشركين لم يصل من المشركين إلى المسلمين نشابة(4) وإن عندي لمثل الذي جاء‌ت به الملائكة(5).

ومثل السلاح فينا كمثل التابوت في بني إسرائيل، في أي اهل بيت وجد التابوت على أبوابهم اوتوا النبوة ومن صار إليه السلاح منا اوتي الامامة، ولقد لبس أبي درع رسول الله صلى الله عليه وآله فخطت على الارض خطيطا ولبستها أنا فكانت وكانت(6) وقائمنا من إذا لبسها ملاها إن شاء الله.

___________________________________

(1) اى عبدالله او ابوه فالمراد انهما لم يرياه رؤية كاملة يوجب العلم بعلاماته وصفاته فضلا عن ان يكون عندهما ؛(آت).

(2) اللامة ضرب من الدرع والمغفر نسيج الدرع يلبس تحت القلنسوة (في)

(3) الغلبة اسم آلة من الغلبة كأنها اسم احدى راياته فانه صلى الله عليه واله كان يسمى ثيابه ودوابه وأمتعته ؛(في).

(4) النشابة بالتشديد السهم العربى ؛(في).

(5) يعنى ما يشبه ذلك وما هو نظير له، لعله عليه السلام اشار بذلك إلى ما اخبر الله عنه في القرآن بقوله عزوجل: (فقال لهم نبيهم: إن آية ملكه ان يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربكم وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون تحمله الملائكة) ؛(في).

(6) أى قد يصل إلى الارض وقد لا يصل يعنى لم يختلف على وعلى ابى اختلافا محسوسا ذا قدر.

[*]

[234]

2 - الحسين بن محمد الاشعري، عن معلى بن محمد، عن الحسن بن علي الوشاء عن حماد بن عثمان، عن عبدالاعلى بن أعين قال: سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: عندي سلاح رسول الله صلى الله عليه وآله.

لا انازع فيه، ثم قال إن السلاح مدفوع عنه(1) لو وضع عند شر خلق الله لكان خيرهم، ثم قال: إن هذا الامر يصير إلى من يلوى له الحنك(2) فإذا كانت من الله فيه المشيئة خرج فيقول الناس: ما هذا الذي كان(3)، ويضع الله له يدا على رأس رعيته.

3 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن النضر ابن سويد عن يحيى الحلبي، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: قال: ترك رسول الله صلى الله عليه وآله في المتاع سيفا ودرعا وعنزة ورحلا(4) وبغلته الشهباء فورث ذلك كله علي بن أبي طالب عليه السلام.

4 - الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن أبان بن عثمان، عن فضيل بن يسار، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: لبس أبي درع رسول الله صلى الله عليه وآله ذات الفضول(5) فخطت ولبستها أنا ففضلت.

5 - أحمد بن محمد ومحمد بن يحيى، عن محمد بن الحسن عن محمد بن عيسى، عن أحمد بن أبي عبدالله، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: سألته عن ذي الفقار سيف رسول الله صلى الله عليه وآله من أين هو؟ قال: هبط به جبرئيل عليه السلام من السماء وكانت حليته من فضة وهو عندي

___________________________________

(1) (مدفوع عنه) اى تدفع عنه الافات مثل ان يسرق او يغصب او يكسر او يستعمله غير اهله ؛(في).

(2) (إلى من يلوى له الحنك) يقال: لويت الحبل واليد ليا فتلته ولوى رأسه وبرأسه أماله والاظهر انه اشارة إلى انكار الناس لوجوده وظهوره والاستهزاء بالقائلين به أو حك الاسنان غيظا وضيقا به بعد ظهوره وكلاهما شايع في العرف وقيل كناية عن الاطاعة والانقياد له جبرا، وعلى التقديرين المراد به القائم عليه السلام ؛(آت).

(3) (ما هذا الذى كان) اى يتعجبون من سيرته وعدله، ووضع يده على الرعية كناية عن لطفه وإشفاقه عليهم ؛(في).

(4) العنزة رميح بين العصا والرمح، والرحل مركب البعير والشهباء التى غلبت بياضها على سوادها ؛(في).

(5) ذات الفضول لقب لدرعه صلى الله عليه واله (في) [*]

[235]

6 - علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس بن عبدالرحمن، عن محمد ابن حكيم عن أبي إبراهيم عليه السلام قال: السلاح موضوع عندنا، مدفوع عنه، لو وضع عند شر خلق الله كان خيرهم، لقد حدثني أبي أنه حيث بنى بالثقفية(1) - وكان قد شق له في الجدار -(2) فنجد البيت(3)، فلما كانت صبيحة عرسه رمى ببصره فرأى حذوه خمسة عشر مسمارا(4) ففزع لذلك وقال لها: تحولي فإني اريد أن أدعو موالي في حاجة(5) فكشطه فما منها مسمار إلا وجده مصرفا طرفه عن السيف، وما وصل إليه منها شئ.

7 - محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن صفوان بن يحيى، عن ابن مسكان عن حجر، عن حمران، عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عما يتحدث الناس أنه دفعت إلى أم سلمة صحيفة مختومة(6) فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله لما قبض ورث علي عليه السلام علمه وسلاحه وما هناك(7) ثم صار إلى الحسن ثم صار إلى الحسين عليهما السلام فلما خشينا أن نغشى(8) استودعها ام سلمة ثم قبضها بعد ذلك علي بن الحسين عليه السلام، قال: فقلت: نعم ثم صار إلى أبيك ثم انتهى إليك وصار بعد ذلك إليك، قال: نعم.

8 - محمد، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة، عن عمر بن أبان

___________________________________

(1) (لقد حدثنى ابى) نقل هذه الحكاية لتأييد كونه مدفوعا عنه (حيث بنى بالثقفية) اى تزوج الامرأة التى كانت من قبيلة ثقيف وادخلت عليه (آت)

(2) كان قد شق له اى للسلاح.

(3) اى زين له ظاهر الجدار بعد اخفاء السلاح فيه او زين البيت للزفاف قال في القاموس النجد ما ينجد به البيت من فرش وبسط ووسائد والتنجيد التزيين ؛(آت).

(4) (فرأى حذوه) اى بحذاء السلاح او الشق، ففزع لذلك محافة ان يكون وصل إلى السيف شئ من المسامير فانكسر ؛(آت).

(5) قال لها اى للمرأة الثقفية فكشطه كشف عن السيف، استشهد بذكر القصة على كونه مدفوعا عنه (في).

(6) كأنه سأله عن المكتوب في الصحيفة المستودعة فأجابه عليه السلام بانها كانت مشتملة على علم وكان معها اشياء اخر وهذه الصحيفة غير الكتاب الملفوف والوصية الظاهرة اللذين استودعها الحسين عليه السلام عند ابنته الكبرى فاطمة بكربلا ؛(في).

(7) وما هناك اى ما عند النبى من آثار الانبياء والاوصياء عليهم السلام وكتبهم ؛(آت).

(8) نغشى على صيغة المتكلم المجهول بمعنى نهلك او نغلب او نؤتى والحاصل ان خشينا ان نستشهد في كربلا فيقع في ايدى الاعادى او يؤخذ منا قهرا عند ضعفنا.

وفى بعض النسخ [تغشى] وقوله: (استودعها) اى الحسين عليه السلام عند ذهابه إلى العراق ؛(آت).

[*]

[236]

قال: سألت أبا عبدالله عليه السلام عما يتحدث الناس أنه دفع إلى أم سلمة صحيفة مختومة فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله لما قبض ورث علي عليه السلام علمه وسلاحه وما هناك، ثم صار إلى الحسن ثم صار إلى الحسين عليهما السلام، قال: قلت: ثم صار إلى علي بن الحسين، ثم صار إلى ابنه، ثم انتهى إليك، فقال: نعم.

9 - محمد بن الحسين وعلي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن محمد بن الوليد شباب الصيرفي، عن أبان بن عثمان، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: لما حضرت رسول الله صلى الله عليه وآله الوفاة دعا العباس بن عبد المطلب وأمير المؤمنين عليه السلام فقال للعباس: يا عم محمد تأخذ تراث محمد وتقضي دينه وتنجز عداته(1)؟ فرد عليه فقال: يا رسول الله بأبي أنت وامي إني شيخ كثير العيال قليل المال من يطيقك وأنت تباري الريح(2)، قال: فأطرق صلى الله عليه وآله هنيئة ثم قال: يا عباس أتأخذ تراث محمد وتنجز عداته وتقضي دينه؟ فقال بأبي أنت وامي شيخ كثير العيال قليل المال وأنت تباري الريح.

قال: أما إني ساعطيها من ياخذها بحقها ثم قال: يا علي يا أخا محمد أتنجز عدات محمد وتقضي دينه وتقبض تراثه؟ فقال: نعم(3) بأبي أنت وامي ذاك علي ولي، قال: فنظرت إليه حتى نزع خاتمه من أصبعه فقال: تختم بهذا في حياتي، قال: فنظرت إلى الخاتم حين وضعته في أصبعي فتمنيت من جميع ما ترك الخاتم(4).

ثم صاح يا بلال علي بالمغفر والدرع والراية والقميص وذي الفقار والسحاب والبرد والابرقة والقضيب(5) قال: فوالله ما رأيتها غير ساعتي تلك - يعني الابرقة - فجيئ بشقة كادت تخطف الابصار فإذا هي من أبرق الجنة فقال: يا علي إن جبرئيل

___________________________________

(1) لعل القاء هذا القول على عمه اولا ثم تكريره صلى الله عليه واله ذلك انما هو لاتمام الحجة عليه وليظهر للناس انه مثل ابن عمه في اهلية الوصية ؛(في).

(2) اى تسابقه، كنى به عن علو همته صلى الله عليه واله ؛(في).

(3) في تقديم ذكراخذ التراث على قضاء الدين وانجاز العدات في مخاطبة العباس وبالعكس في مخاطبة أمير المؤمنين (ع) لطف لا يخفى ؛(في).

(4) في الكلام التفات في حكاية حال فتمنيت من جميع ما ترك الخاتم كأنه اراد بذلك انه قنت في نفسى: لو لم يكن فيما ترك غير هذا الخاتم لكفانى به شرفا وفخرا وعزا ويمنا وبركة (في)

(5) السحاب هو اسم عمامته، وابرقة كأنها ثوب مستطيل يصلح لان يشد بها الوسط وهى الشقة بالكسر والضم كما فسر بها وفى الكلام تقديم وتأخير والتقدير فجيئ بشقة فوالله ما رأيتها ؛(في).

[*]

[237]

أتاني بها وقال: يا محمد اجعلها في حلقة الدرع واستدفر بها مكان المنطقة(1) ثم دعا بزوجي نعال عربيين جميعا أحدهما مخصوف والآخر غير مخصوف(2) والقميصين: القميص الذي اسري به فيه والقميص الذي خرج فيه يوم احد، والقلانس الثلاث: قلنسوة السفر وقلنسوة العيدين والجمع، وقلنسوة كان يلبسها ويقعد مع أصحابه.

ثم قال: يا بلال علي بالبغلتين: الشهباء والدلدل، والناقتين: العضباء والقصوى(3) والفرسين: الجناح كانت توقف بباب المسجد لحوائج رسول الله صلى الله عليه وآله يبعث الرجل في حاجته فيركبه فيركضه في حاجة رسول الله صلى الله عليه وآله وحيزوم(4) وهو الذي كان يقول: أقدم حيزوم(5) والحمار عفير فقال: أقبضها في حياتي.

فذكر أمير المؤمنين عليه السلام أن أول شئ من الدواب توفي عفير ساعة قبض رسول الله صلى الله عليه وآله قطع خطامه ثم مر يركض حتى أتى بئر بني خطمة بقباء(6) فرمى بنفسه فيها فكانت قبره.

وروي أن أمير المؤمنين عليه السلام قال: إن ذلك الحمار كلم رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: بأبي أنت وامي إن أبي حدثنى، عن أبيه، عن جده، عن أبيه أنه كان مع نوح في السفينة فقام إليه نوح فمسح على كفله ثم قال: يخرج من صلب هذا الحمار حمار يركبه سيد النبيين وخاتمهم، فالحمد لله الذي جعلني ذلك الحمار.

___________________________________

(1) الاستدفار: شد الوسط بالمنطقة ونحوها (في)

(2) خصف النعل خصفا كضرب خرزها وهو في النعل كالرفع في الثوب

(3) العضباء بالعين المهملة والضاد المعجمة: الناقة المشقوقة الاذن والقصواء بالقاف والصاد المهملة المقطوع طرف اذنها ؛(في).

(4) حيزوم اسم فرس جبرئيل (ع) او فرس النبى صلى الله عليه واله.

(5) كأنه كان يخاطبه فيجيبه وقال ابن الاثير في نهايته في حديث بدر: (أقدم حيزوم) وهو الامر بالاقدام وهو التقدم في الحرب والاقدام الشجاعة وقد تكسر همزة اقدم ويكون امرا بالتقدم لا غير والصحيح الفتح من أقدم.

(6) بنو خطمة بفتح وسكون الطاء حى من الانصار. وقبا بضم القاف مقصورا وممدودا قرية بالمدينة ؛(آت).

[*]